]يقول ابن سعد و غيره ، إن أبا سفيان بن حرب جلس يوماً في نادي قومه فقال : " ألا أحد يذهب إلى محمد فيقتله فنستريح منه فإنه يمشي في الأسواق " . فأتاه رجل من الأعراب فقال : لقد وجدت أجمع الرجال قلباً ، و أشدهم بطشاً و أسرعهم شداً ، فإن انت قويتني خرجت إليه لأغتاله . فسر أبو سفيان لحديث الأعرابي و قال له : أطو أمرك عن الناس ، ثم أعطاه بعيراً نفقة " أجراً" لأداء مهمته .
و صل الأعرابي طيبة و أخذ يسأل عن الرسول – صلى الله عليه و سلم – حتى وصل إليه فعقل راحلته ثم توجه إلى رسول الله – صلى الله عليه و سلم – و هو في مسجد بني عبد الأشهل فلما رآه الرسول – صلى الله عليه و سلم – قال : "إن هذا الرجل ليريد غدراً ، إن الله حائل بينه و بين ما يريد " . ثم أقبل الرجل لينحني على رسول الله – صلى الله عليه و سلم – فجذبه أسيد بن حضير من إزاره فسقط الخنجر على الأرض ، فارتاع الرجل ، و انقض عليه أسيد فخنقه خنقاً شديداً ، فقال رسول الله – صلى الله عليه و سلم – للأعرابي : " اصدقني ، من أنت ؟ " ، فقال الرجل : " أنا آمن إذا صدقتك ؟ " ، قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم : " نعم " .
فأخبره بأمره و بما قاله أبو سفيان فخلى عنه رسول الله – صلى الله عليه و سلم – فقال الأعرابي : " و الله يا محمد ما كنت أخاف الرجال ، فما هو إلا أن رأيتك حتى ذهب عقلي ، و ضعفت نفسي ثم أنك أطلعت على ما هممت به حتى لم يعلمه أحد فعرفت أنك ممنوع و أنك على حق ، و أن حزب أبي سفيان حزب الشيطان " ، ثم أسلم بعد ذلك .