في تربية الأبناء ... لابن خلدون
" من كان مرباه بالعسف و القهر من المتعلمين ، حمله على الكذب و الخبث ، و هو التظاهر بغير ما في ضميره ، خوفا من اتبساط الأيدي بالقهر عليه ، و علمه المكر و الخديعة لذلك و صارت له هذه عادة وخلقاَ ، و فسدت معاني الإنسانية التي له ، من حيث الاجتماع و التمدن و هي الحمية و المدافعة عن نفسه و منزله ، و صار عيالا على غيره في ذلك ، بل و كسلت النفس عن اكتساب الفضائل و الخلق الجميل .
فيتبغي للمعلم في متعلمه ، و الوالد في ولده ألا يستبدا عليهما في التأديب ".
التعريف بالكاتب :
هو عبدالله بن خلدون رائد علم الإجتماع ، أصله من إشبيلية ، ولد و نشأ بتونس ستة 732هـ |1332م ، و كانت تونس إذ ذاك من المراكز الثقافية في العالم الإسلامي .
تلقى العلم أول ما تلقاه على يد أبيه ، فكان معلمه الأول ، ثم تلقاه بعد ذلك من علماء تونس و أدبائها ، فدرس علوم الدين و اللغة و الفلسفة و المنطق و الشعر ، كما درس العلوم الطبيعية و الرياضيات .
و عندما ضاقت تونس بطموحه رحل إلى المغرب ثم الأندلس ، و اضطرته المنازعات و الوشايات إلى العودة إلى تونس مرة أخرى ، و منها رحل إلى مصر حيث أكرمه السلطان ( الظاهر برقوق ) و ولاه قضاء المالكية ، كما اشتغل بالتدريس في الأزهر الشريف ، توفي بالقاهرة ستة 808هـ و دفن بها و قد بلغ من العمر ستة و سبعين عاماً .