لكي يكون لدينا علم يختص بمجال معين من الظواهر ، فلابد من تحقق عدد من الشروط ، و هي تنطبق على علم النفس و على غيره من العلوم ، و هذه الشروط تتمثل فيما يلي
1- أن يكون هناك اعتراف بين العلماء بوجود ظواهر قابلة للملاحظة ، تصلح لأن تكون موضوعاً لهذا العلم و أن تكون محددة قابلة للقياس وفق قاعدة " كل ما يوجد بمقدار ، و كل ما له مقدار يمكن قياسه " ، و يمكن اخضاعها للمنهج و يستوفي السلوك هذا الشرط
2- أن يوجد أشخاص مؤهلين و مدربين لدراسة الظواهر موضوع العلم و يحملون مسمى هذا العلم. و في " الربع الأخير من القرن التاسع عشر " وجد مثل هؤلاء الأشخاص و أطلق عليهم " علماء النفس " كرسوا حياتهم و عملهم و خبراتهم لدراسة ظواهر السلوك
3- أن توجد دوريات " مجلات " علمية متخصصة تنشر بحوث هؤلاء العلماء و الباحثين و النتائج التي يتوصلون إليها ، حتى يمكنهم التواصل في مجتمع علمي واحد ، و يبدأ كل منهم من حيث انتهى الآخرون ، لأن العلم تراكمي و جهد متصل . و قد حدث ذلك خلال الفترة نفسها
4- أن توجد جمعيات علمية ترعى التخصص و تنميه ، و تفتح ساحات الحوار بين العلماء و الباحثين فيه، و قد توفر ذلك أيضاً في الربع الأخير من القرن التاسع عشر
5-لعل الشرط الأخير - الأكثر أهمية- ..."هو أن توجد مناهج موضوعية مقننة و مضبوطة لدراسة ظواهر هذا العلم " و هو ما كان عصب قيام علم النفس بوصفه علما
" حدث كل ذلك من خلال روافد متعددة ، و في أوقات متقاربة ، و بجهود علماء أفذاذ كرسوا حياتهم و جهودهم لهذا التخصص الجديد . و اختار مؤرخوا العلم حدثاً بارزاً في هذه الفترة ليجعلوا منه مؤشراً على بداية التاريخ لقيام علم النفس بوصفه علماً ......" و هو إنشاء معمل فونت Wundt "